A propos

Affichage des articles dont le libellé est بالعربية. Afficher tous les articles
Affichage des articles dont le libellé est بالعربية. Afficher tous les articles

samedi 9 mai 2015

تقرير ندوة “الدبلوماسية المغربية تجاه أفريقيا” – الرباط 30 أبريل 2015


نظّمت اليوم 30 أبريل 2015 بالرباط يوما دراسيا حول السياسة الخارجية للمغرب نحو أفريقيا في موضوع: “ديناميكية الدبلوماسية المغربية تجاه أفريقيا”، وذلك برحاب كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمدينة سلا / جامعة محمد الخامس.
وقد أشرف على تنظيم اليوم الدراسي كل من فريق البحث في الدراسات الدولية والدبلوماسية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسلا، ومختبر الدراسات والأبحاث حول أفريقيا بمعهد الدراسات الأفريقية بالرباط.
وشهدت التظاهرة العلمية حضورا مميّزا من السلك الدبلوماسي المغربي المتمثّل بوزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، والوزير (السابق) للشؤون الخارجية والتعاون، ورئيس منظمة المجتمع المدني الدولية لقيم المواطنة والتنمية والحوار، وممثّلي منظمة الإيسسكو.
كما شهدت الندوة العلمية حضورا مكثّفا من الأساتذة الباحثين في العلاقات الدولية، والباحثين الشباب في الدبلوماسية المغربية، ورجال الصحافة والأكاديميين..
وحسب المنظمين لليوم الدراسي، يأتي هذا اللقاء العلمي لتسليط الضوء على الآليات التي اعتمدها “المغرب في دبلوماسيته مع أفريقيا جنوب الصحراء”، ومناقشة القضايا المرتبطة بالعلاقات المغربية الأفريقية، والبحث عن سبل تجاوز العراقيل التي تعترض الرباط في علاقتها مع القارة السمراء. كما شكّل “اعتزاز المغرب بعمقه الأفريقي” محورا أساسيا من محاور الندوة أكّدت عليه الورقة التوصيفية لليوم الدراسي حول “الدبلوماسية المغربية تجاه أفريقيا”، على اعتبار أن القارة الأفريقية من الفضاءات التي ارتبطت بها المغرب جغرافيا وتاريخيا وثقافيا وروحيا وسياسيا واقتصاديا، ممّا مكّنت الدبلوماسية المغربية من الانفتاح على عدد من الدول الأفريقية.
في كلمته في المناسبة، أكّد وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر على “امتداد الثقافة المغربية إلى أفريقيا”، ودعا إلى تعزيز العناصر التي تجمع المغرب بدول أفريقيا جنوب الصحراء. وأفاد أن المغرب يعتبر الوجهة المفضّلة للطلبة الأفارقة الذين يصل عددهم الآن إلى “13 ألف طالب أفريقي” مسجّل في المؤسسات التعليمة بالمغرب، من بينهم “8 ألف طالب ممنوح”.
ومن جهته، أشاد الدكتور سعد الدين العثماني/ الوزير السابق للشؤون الخارجية إلى جهود الجامعة المغربية في اشتغالها بما أسماه “موضوع الساعة”، المتمثّل بالتعاون المغربي الأفريقي، معتبرا في الوقت نفسه أن “أهمية أفريقيا” بالنسبة للمغرب لا غبار عليه، وزاد قائلا: “المغرب في علاقته مع أفريقي هو أفريقي”.
المغرب يعتبر الوجهة المفضّلة للطلبة الأفارقة الذين يصل عددهم الآن إلى “13 ألف طالب أفريقي” مسجّل في المؤسسات التعليمة بالمغرب، من بينهم “8 ألف طالب ممنوح”.
ويرى أن الرباط في محاولتها لاسترجاع العلاقات الدبلوماسية مع أفريقيا التي انقطعت منذ انسحاب المغرب من الاتحاد الأفريقي عام 84 “بسبب الحروب الباردة”؛ أثمرت في تراجع عدد كبير من الدول الأفريقية “المعترفة بالجمهورية الصحراوية” من 35 إلى 18 دولة أفريقيا. وفي معرض حديثه عن العلاقات التجارية بين المغرب وأفريقيا، أفاد السيد الوزير السابق إلى أن العلاقات الاقتصادية مع أفريقيا ستصل إلى 20 بالمائة خلال سنة 2019.
وتناولت الندوة في مـحاورها الخمسة، المواضيع المتّصبة بالدبلوماسية المغربية تجاه أفريقيا في الجوانب الروحية والدينية والاقتصادية والسياسية، وزّعت جميعها على المشاركين في تسع ورقات قدّمت في اليوم الدراسي.
الدكتور/ مصطفى الزبّاخ: تجربة ثمان سنوات من العمل الدبلوماسي في جزر القمر
امتازت المداخلة الأولى التي تفضّلت بها الدكتور/ مصطفى الزبّاخ تحت عنوانفتوحات الدبلوماسية المغربية في أفريقيا: تجربة شخصية، بمجموعة من التجارب الشخصية التي مرّ بها في جزر القمر باعتباره مبعوثا للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة-إيسسكو لتحريك عجلة اللغة العربية وتثنبيت الأركان الإسلامية في نفوس الشعب القمري المسلم الذي “انقطع عن هويته الإسلامية منذ نفوذ المستعمر الفرنسي بالمنطقة”.
التمثيلية العربية في الدولة القمرية غائبة في كل مستوياتها، فلا سفارة ولا قنصلية عربية تتواجد في جزر القمر.
وخلال هذه التجربة الشخصية لمبعوث الإيسسكو بالدولة القمرية، صرّح الدبلوماسي المغربي الدكتور مصطفى الزباخ عن الصعوبات التي واجهها خلال أدائه الدبلوماسي بالمنطقة. ومع كل ذلك، تمكّن من تحقيق مجموعة من الإنجازات المعتبرة في الدولة القمرية، أهمها:
  • أن استطاع إدخال اللغة العربية والتربية الإسلامية في المدارس القمرية.
  • الإسهام في ترسيخ الهوية الإسلامية في نفوس الشعب القمري المسلم
  • عقد مؤتمرات دولية حول الثقافة الإسلامية بجزر القمر مما ساهم في استرجاع الهوية الإسلامية لشعوب المنطقة.
  • إدخال البرامج الدينية ضمن أنشطة الإذاعات المحلية..
وفي الأخير أفاد الدبلوماسي المغربي أن التمثيلية العربية في الدولة القمرية غائبة في كل مستوياتها، فلا سفارة ولا قنصلية عربية تتواجد في جزر القمر.
لوحظ على ندونة “الدبلوماسية المغربية تجاه أفرييقيا” غياب التمثيلية الأفريقية من السلك الدبلوماسي والجامعات الأفريقية، والباحثين الأفريقيانيين.
توصيات الندوة
يرى المشاركون في ندوة “الدبلوماسية المغربية تجاه أفريقيا” إلى ضرورة تكثيف الجهود في تعزيز العلاقات المغربية الأفريقية؛ بتوسيع نفوذ المملكة المغربية إلى القرن الأفريقي وجنوب أفريقيا.. بتجاوز عائق اللغة الإنجليزية.
وخلص اليوم الدراسي بمجموعة من التوصيات والمقترحات لتعزيز التعاون المغربي الأفريقي نجملها فيما يلي:
  • مراجعة سياسة الكرسي الشاغر/ الفارغ بانسحاب المغرب من النظام الإقليمي الأفريقي.
  • تعزيز إستراتيجية المملكة المغربية نحو أفريقيا لدعم قدراتها السياسية.
  • تدعيم محور الرباط-انواكشوط-السنغال لتقوية حضور المغرب في أفريقيا.
  • محاولة الانتقال من الحضور إلى الفاعلية عن طريق الدبلوماسية المؤثّرة.
  • التدبير العقلاني لمشاكل أفريقيا ومحاولة انخراط المغرب في حلّها.
  • التعاون مع الدول المعنية بمشكل الهجرة.
  • البحث عن التحالفات الجديدة بالانفتاح على المجالات الأنجلوفونية بأفريقيا.
  • تقوية المصالح القنصلية.
  • تشجيع البحث العلمي.
  • متابعة النخب المتخرّجة من الجامعات المغربية.
  • ضرورة تقييم الأداء الدبلوماسي المغربي نحو أفريقيا.
  • وضع بنك المعلومات حول المغرب وأفريقيا.
  • اللجوء إلى التعاون الثلاثي-الرباعي-الدولي في إطار اتفاقية جنوب-جنوب.
هذا وقد لوحظ على اليوم الدراسي غياب التمثيلية الأفريقية من السلك الدبلوماسي والجامعات الأفريقية، والباحثين الأفريقيانيين.


samedi 11 avril 2015

نبذة عن مسار كتابة اللغات الأفريقية بأبجديات مختلفة

لئن أكّدت المصادر المتداولة بأسبقية الحرف العربي في كتابة اللغات الأفريقية، إلا أن هناك أطروحات أخرى ترى أن حكماء ومفكري بلدان منطقة غرب أفريقيا –مثلا- قد شغلوا بكتابة لغاتهم بأبجدياتمعينة، حتى يحفظوا بذلك تراثهم ويقيموا نهضتهم التي تتماشى وأوضاعهم، وقد بدأت هذه المحاولات منذ عهد طويل، بعضها قطع شوطا كبيرا لاستكمال البناء، بينما أخرى لا تزال بحاجة إلى جهد جبار حتى يستطيع مسايرة اللغات المكتوبة في بقاع أخرى من العالم[1].
ولعل أقدم أبجدية تمّ العثور عليها في المنطقة هي أبجدية فاي “Vai” المقطعية، والتي ظهرت في سيراليون وليبيريا عام 1833[2].
ومع ذلك يبقى أن الحرف العربي هو الذي كتب به غالبية الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية والطبيعية في أفريقيا، وهو الضامن للتراث الأفريقي؛ حيث اقترضت معظم اللغات الأفريقية[3] بعض العناصر من الحرف العربي حتى صارت العربية من أهم مكوّنات الهوية الأفريقية، كما لعبت اللغة العربية دورا فاعلا في إثراء قواميس لغات الأمم الإسلامية الإفريقية[4]التي ستوظف لاحقا في التكنولوجية الحديثة..
وكتابة اللغات الأفريقية بالحرف العربي شهدت مراحل مهمّة في الثمانينات من القرن الماضي حين ظهرت مؤسسات علمية تعنى بتطوير اللغات الأفريقية بالحرف العربي “المنمّط”، ثم تلاه “حوسبة” الحروف العربية الخاصة بالأصوات الأفريقية..
أقدم أبجدية تمّ العثور عليها في المنطقة هي أبجدية فاي “Vai” المقطعية، والتي ظهرت في سيراليون وليبيريا عام 1833
وفي عام 1991 اخترعت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة “إيسيسكو” آلة كاتبة يدوية ضمنتها كل الحروف والحركات الجديدة التي تكتب بها اللغات الإفريقية، فانتقلت كتابتها من خط اليد إلى الآلة الكاتبة، وتمّ تصميم الخط العربي الخاص بلغات أفريقيا عام2003 تحت اسم أفريكا “Africa”..
ومع كل الجهود المتضافرة في هذا الموضوع، بقيت كتابة اللغات الأفريقية بالحرف العربي المنمط مرتكزة في المجالات الدينية أكثر من غيرها؛ من ترجمة بعض الكتب المختارة في الثقافة الإسلامية، ونشر الكتب التعليمية باللغات الإفريقية..
ويكفينا انتاجات الإيسسكو في ذلك مثالا واضحا؛ حيث انحصرت منشوراتها حول تفسير جزء عم، وترجمة السيرة النبوية.. إلى كل من لغة الهوسا والفولفلدي والسواحلية والسوسو.. بالحرف العربي المنمّط
وفي هذا الصدد يقول الأستاذ حلمي شعراوي حين كان منخرطا بأعمال جمع التراث العربي الإفريقي بمنظمة “الأليسكو”: “وقد كنا نود أن تكون أنظار المنظمتين العربية والإسلامية متجهة إلى زحم “الحداثة” التي ارتبط بها المثقف الأفريقي الذي صار يرتبط باللغات الأوربية والكتابة بالحرف اللاتيني وحده..”[5]
كتابة اللغات الأفريقية بالحرف العربي شهدت مراحل مهمّة في الثمانينات من القرن الماضي حين ظهرت مؤسسات علمية تعنى بتطوير اللغات الأفريقية بالحرف العربي “المنمّط”، ثم تلاه “حوسبة” الحروف العربية الخاصة بالأصوات الأفريقية..
وعلّل الأستاذ محمد الأمين أبو منقة، التراجع الذي أصاب تقليد استخدام الحرف العربي في كتابة اللغات الأفريقية بما “جاء تدريجيا نتيجة حتمية لتوسع التعليم المدرسي على النمط الغربي، الذي كان في معظم الأحيان في أيدي الإرساليات الكنسية، على حساب النظام التعليمي.. وبالتالي جعل نظام الكتابة بها خاليا من أوجه القصور الذي لازم النظام التقليدي لكتابة هذه اللغات بالحرف العربي.. وإضعاف صلة الأجيال تدريجيا بالحرف العربي[6]“.
وأما كتابة اللغات الأفريقية بالحرف اللاتيني، فقد تم اعتمادها بعد بمؤتمر بماكو بجمهورية مالي، الذي أشرف عليه منظمة “اليونسكو” عام 1966 بمشاركة مجموعة من الخبراء الأفارقة واللسانيين الغربيين.. لوضع خطّة شاملة حول تطوير اللغات الأفريقية باستخدام الحرف اللاتيني.
وتجدر الإشارة إلى أن معظم اللغات الأفريقية تكتب –الآن- بالحرف اللاتيني المدعوم من طرف اليونسكو ومنظمة الوحدة الأفريقية -قديما والاتحاد الأفريقي حاليا-، وهي كل من السواحلية، والهوسا، والفولفلدي، والولوف، والصومالية، والأفريقانية، واليوروبا، والإيبو..
ونفس اللغات المذكورة آنفا إلى جانب بعض اللغات الأفريقية كالسوسو تكتب بالحرف العربي المدعوم من طرف المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (ايسيسكو)، ومعهد الدراسات والبحوث للتعريب التابع لجامعة محمد الخامس بالمغرب، ومعهد الخرطوم الدولي للغة العربية التابع للمنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم (ألسكو)، ومركز يوسف الخليفة لكتابة اللغات بالحرف العربي بجامعة أفريقيا العالمية بالسودان..
أبجدية اللغة الصومالية
وتميّزت بعض اللغات الأفريقية بأبجديتها الأصيلة، مثل أبجدية انكو بغرب أفريقيا، وأبجدية ماندومبي (Mandombe) بكونغو الديموقراطية، والأبجدية الأمازيغية بشمال أفريقيا، كل هذه الأبجديات فرضت نفسها بحروفها الخاصة في التكنولوجيا الحديثة بعيدا عن الحرفين العربي واللاتيني.
مراجع الورقة:
[1]  هارون باه/ دول غرب إفريقيا في ميزان الجيوبوليتيك، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة محمد الخامس – السويسي -كلية العلوم القانونية  ولاقتصادية والاجتماعية – سلا، ص 92.
[2] Anne ZALI et Annie BERTHIER (dir.), L’Aventure des écritures, Naissances, Paris, Bibliothèque nationale de France, 1997, pp. 82-89 ; David DALBY (dir.), L’Afrique et la Lettre, Fête de la Lettre, Paris,1986.
[3]  لقد عدّها الأستاذ يوسف خليفة أبوبكر بإحدى وثلاثين لغة كتبت بالحرف العربي في أفريقيا. ينظر: “دور الحرف العربي في كتابة اللغات خارج إفريقيا”، كتابة اللغات الأفريقية بالحرف العربي، الخرطوم، معهد الخرطوم الدولي للغة العربية، ص 194 وما بعدها.
[4]  محمد الأمين أبو منقة/ اللغة العربية واللغات الأفريقية الأخرى، منشورات معهد الدراسات الأفريقية، الرباط 2006، ص 27
[5] حلمي شعراوي/ الفكر السياسي والاجتماعي في أفريقيا، مكتبة الأسرة، 2010، ص 162
[6]  محمد الأمين أبو منقة/ ص 24

dimanche 22 mars 2015

حوار حول الدبلوماسية الدينية بين المغرب وغينيا: وجهة نظر


بعد الزيارات الملكية التي توالت على بعض دول غرب أفريقيا في العام المنصرم، والتي مكّنت الجمهورية المالية من الاستفادة من منح دراسية على دفعات لتكوين 500 أئمة ماليين في المملكة المغربية، تقدّمت على  إثرها مجموعة من الدول المجاورة لتنال حظّها من تلكم المنح، و من بينها غينيا كوناكري بطلب من الوزير الغيني للشؤون الدينية الحاج عبد الله جاسي بأن تمّ توقيع بروتوكول اتفاق بين البلدين  بتاريخ 10 سبتمبر2014 بشأن تكوين 500 إمام غيني في المغرب.

وفي ظل التنافس الغرب الأفريقي على المبادرة المغربية لتكوين الأئمة الأفارقة، كانت لنا وجهة نظر حول طبيعة الشراكة الدينية بين المغرب وغينيا كوناكري، وذلك إثر استجواب من لدن بعض الباحثين في العلوم السياسية والدبلوماسية المغربية بخصوص الموضوع، وجرى الحوار كما يلي:

الكاتب في العلاقات المغربية الإفريقية:
ما طبيعة الشراكة الدينية بين المغرب وبلدكم غينيا كوناكري؟
محمد تفسير:
هي شراكة روحية ثقافية بامتياز، ولقد تجسد ذلك منذ نفوذ الحركة المرابطية في غرب أفريقيا و ما قامت به من دور بارز في نشر الإسلام بالمنطقة؛ حيث كانت المراكز العلمية بالمغرب تعج بطلبة العلم القادمين من أفريقيا –ومن بينها غينيا- للتعلم والاستزادة من المعرفة بعد مرروهم بفوت تورو بالسنغال وفوت ماسنا بمالي والنواحي، وموريتانيا.. و كما تجسّد ذلك حاليا في الطرق الصوفية التي تجمع بين البلدين..

الكاتب:
وما مستوى هذه الشراكة؟
محمد تفسير:
لا شك أنها شراكة تاريخية قديمة، سعى من خلالها المغرب إلى تنوير الحقل المعرفي لفائدة غينيا على مرّ العصور؛ حيث استفادت غينيا من البعثة الملكية التي تمّ إرسالها إلى مجموعة من الدول الأفريقية والآسيوية لتلقين مبادئ اللغة العربية لتمكين متعلميها من قراءة وفهم النصوص من القرآن والتفسير، وغيرها من البعثات الدينية.. كما أنّ الخزانة الحسنية تحتفظ بجملة من المخطوطات الغينية، ويتم استدعاء علماء غينيا للمشاركة والحضور في الدروس الحسنية الرمضانية سنويا..
وبالمقارنة مع السنغال ونيجيريا، يمكن القول إن مستوى الشراكة الدينية بين المغرب وغينيا شهدت تراجعا مملوسا في الآونة الأخيرة؛ وذلك منذ نفوذ المستعمر في المنطقة، حيث قطع الصلات “الروحية” والعلمية بين الجانبين. كما أن اتصال غينيا بدول الخليج العربي (خصوصا المملكة العربية السعودية) لعب دورا أساسيا  في تراجع الشراكة الدينية بين المغرب وغينيا.
بالمقارنة مع السنغال ونيجيريا، يمكن القول إن مستوى الشراكة الدينية بين المغرب وغينيا شهدت تراجعا مملوسا في الآونة الأخيرة

الكاتب:
هل هناك دعم مغربي لبلدكم -سواء ماديا أو لوجيستيكا- في هذا المجال؟
محمد تفسير:
في حدود علمي، ليس هناك دعما ماديا أو لوجيستيكيا يقدّمه المغرب لغينيا كوناكري، اللهم إلا المنح الدراسية التي تحظى بها غينيا في المؤسسات التعليمية (التعليم العتيق) بالمغرب، أو المنح الدراسية التي تهبها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية للطلبة الأفارقة لمتابعة دراساتهم بالمعاهد والجامعات المغربية عبر رابطة علماء المغرب والسنغال.
الكاتب:
ألا يعتبر الحضور الديني المغربي في غينيا تدخّلا في الشؤون الداخلية لبلدكم؟
محمد تفسير:
لا يعتبر ذلك تدخّلا في الشؤون الداخلية ببلادنا بقدر ما هو تتمة لمسار تاريخي قديم جمع بين المغرب وغينيا في أفق تحقيق نهضة علمية ثقافية، لأن المغرب كان له الفضل في تأطير عدد كبير من علماء غينيا الذين تأثروا بمشايخهم المغاربة في المنهج والتأليف، اقتفاء  بالمذهب المالكي والعقيدة الأشعرية.. قبل الاتصال بدول الخليج العربي.
الكاتب:
مؤخرا قدّم بلدكم طلبا للمغرب لتكوين الأئمة المرشدين: كيف تنظر إلى هذه الخطوة؟ وهل ستؤتي أكلها في توفير نخبة دينية تستطيع التأطير الديني للمواطنين؟

محمد تفسير:
هي ذي مبادرة طيبة وخطوة محمودة في سبيل تأطير الأئمة المرشدين لغينيا، وللمغرب كل الشكر والامتنان على هذه المبادرة التي تعتبر الأولى من نوعها في هذا المجال؛ إذ لم يسبق لأي دولة (بما في ذلك الدول الغربية) أن وفّرت منحة دراسية لغينيا بهذه الضخامة (500 مستفيد). لكن، حسب رأيي المتواضع، لو كان ذلك بشكل دورات تكوينية، أو ورشات عملية لزمن محدّد (ستة أشهر على أبعد تقدير)؛ لتطوير الكفاءات التي تشتغل في مجال الدعوة والارشاد بغينيا لآتت أكلها أكثر من طبيعتها الحالية (سنتين)؛ أضف إلى ذلك أن أغلب المستفيدين من هذا التكوين هم خريجو الجامعات العربية، وبعضهم أساتذة جامعيين..، ممّا يطرح إشكالية اندماجهم بعد التخرّج..
 لم يسبق لأي دولة (بما في ذلك الدول الغربية) أن وفّرت منحة دراسية لغينيا بهذه الضخامة (500 مستفيد). 
فالحركة العلمية بغينيا -حاليا- بحاجة أكثر لكوادر متخصصين في العلوم المعاصرة (القانون، الطبّ، الهندسة..)، لأن المجتمع الغيني لا زال ينظر إلى “المستعرب” بنظرة دونية وهامشية، ويعتبره فضلة لا يقيم صلب الدولة، أو زارعا لا تثمر أشجاره إلا في الساحات الدينية. ولرفع هذا التحدّي مساهمة من المستعرب الغيني في تقدّم الدولة الحديثة، لا بدّ من الخروج عن طوق العلوم الشرعية وتعزيزها بالعلوم الانسانية والاجتماعية والتجريبية مواكبة للعصر، وأن يكون له اليد الطول في شتى المجالات العلمية والثقافية؛ هنا يأتي دور الدول العربية في ملء هذا الفراغ العلمي.

لرفع هذا التحدّي مساهمة من المستعرب الغيني في تقدّم الدولة الحديثة، لا بدّ من الخروج عن طوق العلوم الشرعية وتعزيزها بالعلوم الانسانية والاجتماعية والتجريبية مواكبة للعصر
الكاتب:
هل هناك تنافس ديني بين المغرب ودول أخرى كالجزائر في غينيا؟

محمد تفسير:
ليس هناك تنافسا دينيا بهذا الشكل، لكن ثمّة تنافسا دينيا بين التوجهات السلفية والشيعية، وذلك منذ أن عرفت غينيا المدّ الشيعي في ترابها وتنبّي عدد كبير من أبنائها المذهب الشيعي منذ عام 1991. وكما يفيد التقرير الميداني عن (التشيع في أفريقيا)،  فالقائمين على التشيّع بغينيا هم إيرانيون أساسا بمساعدة  السفارة الإيرانية لدى غينيا.. وتستقيد طلبة غينيا من المنح الدراسية إلى إيران وسوريا ولبنان ما يفوق العشرات سنويا، ولا يزال العدد في تزايد مستمر.
وفي نفس السياق، خلال السنوات الأخيرة، ضاعفت المملكة العربية السعودية منحها الدراسية لفائدة غينيا مع مجموعة من الدول الإفريقية. وبالتالي، إذا كانت هناك منافسة “دينية”، فهذه من أبرزها.

الكاتب:
كيف ترى النفوذ الشيعي في غينيا؟ هل هو حاضر بقوة أم لا يخشى من تأثيراته علما أن نسبة الشيعة تقدر بحدود 5% من السكان ولهم مراكز عديدة منها، جمعية أهل البيت وفيها مدرسة الثقلين، ومركز الزهراء، ومدرسة محمد رمضان في العاصمة كوناكري، ومركز حمد الله وفيه حوزة دينية، ومدرسة الامام في گيكدو، ومدرسة فاطمة الزهراء في پيتا، ومدرسة أهل البيت في كالبي. ويبلغ عدد الطلبة الذين يدرسون في هذه المدارس والمراكز 600 طالب بالإضافة إلى العشرات من الطلبة الذين يدرسون خارج غينيا وبالخصوص في ايران ولبنان وسوريا؟

محمد تفسير:
الواقع الفعلي لنفوذ الشيعة بغينيا كوناكري يثير قلقا حادّا في الأوساط الغينية، إذ يتزايد عددهم يوما بعد يوم وإن لم تكن الإحصائيات (5%) غير دقيقة. ويكفي أن المدّ الشيعي يؤثّر بشكل كبير في معدومي الدخل من المسلمين وبعض أتباع الطرق الصوفية..، ويمتلكون مجموعة من المراكز التعليمة –ذكرتم أهمها- بالإضافة إلى المعاهد والمكتبات.. كل ذلك يهدّد السلم الاجتماعي في البلاد..

نشر الحوار لأول مرة على موقع: مجمع الأفارقة.

jeudi 5 décembre 2013

! نقد العقل المستعرب الغيني

أيها القارئ العزيز،
مرحبا بك في تدوينة جديدة لمدوتنا –المحترمة- نتحدث فيها عن أحوال المثقف الغيني بين الأمس واليوم. وإذا تذكّرت معي أيها الزائر الكريم، سبق لي وأن وعدت في صفحتي الرئيسية للمدونة ما يلي: 
" هنا -أي المدونة-، أدوّن، وأخبر، وأصرّح بإضافة الإستطيقا".

واليوم، جاء الدور للتطرق إلى ذلكم الوعد لنكشف عن جزء يسير من المسكوت عنه في المجتمع الغيني. وعنواننا المشار إليه أعلاه مقتبس من كتاب المفكر المغربي "محمد عابد الجابري" المعنون بـ "نقد العقل العربي"، حيث حاول فيه الكاتب أن ينتقد إخوانه العرب في طريقة تفكيرهم، وطريقة تعاملهم مع تراثهم الفلسفي... إلى أن اقترح لهم "قراءة جديدة" للتعامل مع التراث العربي الفلسفي…

وهنا، سأحاول القيام بنفس الأمر من زاوية مختلفة وفي خاطرة بسيطة-إن شاء الله- لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا. وبه أقول:
لا يزال المجتمع الغيني ينظر إلى المستعرب نظرة دونية وهامشية، ويعتبره فضلة لا يقيم صلب الدولة ، أو زارعا لا تثمر أشجاره إلا في الساحات الدينية ؛ ولهذا حرموا من المناصب العليا في الحكومة ، علما بأن منهم من اتصل بالعلوم التجريبية اتصالا مباشرا ، وصارت لهم اليد الطول في شتى المجالات العلمية والثقافية.

ففي هذه الآونة الأخيرة، أعطى بعض مثقّفي الدولة باللسان العربي صورة بارزة، ونماذج متميزة يحتذي بها المستعرب الغيني، من إحياء الأنشطة العلمية والثقافية، والمقاربات الإيديولوجية...
نذكر منهم –على سبيل المثال لا الحصر-، الأستاذ الدكتور "عمران كبا"، من خلال كتاباته ومحاضراته القيمة، والناشط الثقافي "عباس جباتي"، من تنظيمه للدورات التكوينية والورشات العلمية لفائدة المدارس الفرنسية العربية في غينيا، وكذا ما يقوم به الناشط الثقافي مختار جالو، في سبيل ترقية التعليم العربي في غينيا، وهو بارز في وسائل الإعلام الغينية ببرامجه...

ومع ما يقوم به أولئك من مبادرات جبارة، إلا أن الشجرة لم تثمر  –بعد- ولم يبلغ الماء القلتين، لأن الواقع الغيني لم يستطع لحدّ الآن أن يتعقلم مع المثقفين باللسان العربي ، وذلك من كل المستويات بما فيها السياسية والمناحي العلمية والاجتماعية... 

خمسون عاما والمستعرب الغيني لم تتجاوز مهامه إدارة "الأمانة العامة للشؤون الدينية"، إلا مؤخرا تم تنصيب الدكتور "قطب مصطفى سانو" وزيرا للتعاون الدولي. خمسون عاما، والحرف العربي في تراجع وتقوقع مؤسف في الدولة...

قديما، كانت للقناة الرسمية RTG منارة خاصة باللغة العربية، واليوم أصبحت - هذه الأخيرة -تابعة لجريدة "أخبار غينيا" بعد أن كانت مستقلة.

ولما اعترفت الدولة بالتعليم العربي، أعطت له قيمة مضافة في المجتمع، وصار للمتفوقين في الثانويات العربية قسطا من المنح الدراسية إلى الخارج –المغرب والجزائر-...
ومؤخرا، ألغت الحكومة هذه الفرصة النادرة التي كانت تجر الناس تجاه المدارس العربية طمعا للفوز بها ؛ بدعوى لا تقوم عليها حجة ، ولا يسع المقام بعرضها .

والسؤال الذي يفرض نفسه في هذه الصفحات، لماذا التهميش والجمود الفكري  تجاه المستعرب الغيني ؟
بعد التأمل الشديد في الواقع الغيني بكل مستوياته، تنيّن لي-والله أعلم- أن السرّ الجوهري في هذا الجمود الفكري تجاه المستعرب الغيني، لا يكاد يخرج عن قاعدة " يداك أوكتا وفوك نفخ "
وحتى لا يكون الشرح  أغمض من النص ، تعال معي لنكشف الغطاء عن ذلك السر.

برأيي ، إن السبب الرئيسي لهذه المعاملة عائد إلى المستعرب نفسه. كيف ذلك؟
وقبل أن تتسائل  دعني أأكد لك ذلك بكل إيمان  ، - وأرجو أن تتحملني -   

لا يزال المستعرب الغيني متخلفا في أفكاره وتأملاته ، أي  متأثرا بالأحداث التاريخية بين القبائل... فهذا ما جعلت توجهاته وآفاقه محدودة لا تمت بأدنى صلة بثقافتة العربية، وإنما هي في منفعة خاصة لبني جلدته، فلا يكاد يتعاون إلا مع من يستظل معة تحت مظلة واحدة .

قد يبدوا ذلك غريبا لقارئنا العزيز، لكنه الواقع الأليم الذي يعيشه المستعرب الغيني على العموم، وهو أمر يؤسفني جدا، وخصوصا حينما أرى إخواننا المتفرنسيين قد تجاوزوا هذا المستوى من التخلف التفكيري، فهم اليوم في سبيل التعاون والتداول والتبادل العلمي في القضايا الراهنة للدولة، وبشتى الوسائل ، عبر مواقع إلكترونية المخصصة في مناقشة القضايا الغينية بكل إنصاف وموضوعية، واضعين الأمور القبلية تحت وسادتهم... 
وهم-للأسف- من سيتحكمون علينا في المستقبل القريب بأفكار مصدرة من الغرب- إلا من رحم الله منهم-، فتأثر بالثقافة الدينية المحلية ليترك له أثرا إيجابيا في سلوكاته.

والآن، ما العمل؟
من هنا وبعد قراءة هذه الأسطر المتواضعة ، لا بد أن يستشكل أخي القارئ "ماالعمل"؟ و"كيف يمكن إدماج المستعرب الغيني بصورة أكثر فعالية"؟... للخروج من تلكم البرمجة السابقة من التفكير السلبي تجاهه؟
 هي أسئلة في الحقيقة، تتطلب ورقة ندوة أو بحث أكاديمي للإجابة عنها بشكل مفصّل ومدقّق تؤتي أكلها للمعني به.

وهنا سأكتفي بطرح هذا الاقتراح، ألا وهو ضرورة توحيد الرؤية التربوية بين المدارس والمؤسسات العلمية (ذات الصبغة العربية) في توجّهاتها الفكرية بناء على المرجعية العلمية النافعة للدولة... لتفكّر في المستقبل القريب عن أهم الوظائف التي يمكن أن يباشرها المثقف الغيني باللسان العربي، والتي لا تعد ولا تحصى سنقف عندها في منشوراتنا القادمة إن شاء الله.

إلى هنا أقف معك أخي العزيز في هذه الخاطرة التي أرقتني ، فكاد لا مفر من إطلاق العنان لقلمي ليتجول في بستانه ، لعلي أوقظ بها همم المعنيين به،  ووصيتي للناس " أن يتأفرقوا ولا يتعصبوا".

وشكرا.