A propos

samedi 14 septembre 2013

الدكتور قطب مصطفى سانو، مضرب المثل للمثقف الافريقي باللسان العربي



أيها المثقّف الإفريقي باللسان العربي،      
مثلي مثلك، قضيت طوال عمري وأنا أنتسب إلى التعليم العربي وبكل مستواياته.. – وفخرا-
في القديم، وبالتحديد في التسعينات، كانت المدارس العربية بغرب افريقيا محضة للدراسات العربية، لا يكاد المنتمي إليها يشم رائحة اللغات الأخرى ...خرجت منها أجيالا من العلماء والمعلمين، والأساتذة والمديرين، والدعاة والواعظين...

وبعد ردح من الزمن، وفي بداية الألفين 2000، اشترطت حكومتنا (الغينية) إدماج اللغة الفرنسية في مدارسها العربية، فقبلناها - اضطرارا لا اختيارا-، وأصبحت مدارسنا معترف بها من قبل الحكومة، نتمتع بما يتمتع به الطالب الفرنسي، شواهدنا معدّلة، ومناهجنا (التعليمية) موحدة... إلى يومنا هذا...
وفي الحقيقية، لم تكن المبادرة تلك مرحّب بها في مدارسنا، لكن مع مرور الوقت وتطور الزمن، أدركنا ضرورة تعليم اللغات الحية في مستوياتنا التعليمية لتسهيل سبل اندماجنا في المجتمعات الإفريقية.

والأستاذ الدكتور قطب مصطفى سانو الغيني كفانا مضربا للمثل، فهو فخر الأمة الإسلامية عامة والأفارقة خاصة، الفقيه الأصولي المقاصدي الاقتصادي، الجامع بين الأصالة والحديث، فمؤلفاته الباهرة النادرة، ومشاركاته العلمية الفعّالة خير شاهد على ما نقول... وفوق ذلك كله، فهو بارع في اللغات الحية. بجانب اللغة العربية، يجيد اللغة الفرنسية والإنجليزية، ولغة الانكو الإفريقية.
هذا الأستاذ الدكتور، المشهور عالميا، وفي الساحات العربية خاصة، اشتغل وزيرا في بلاده (غينيا). نعم، وزير مستعرب!!. أول مرة في التاريخ الغيني. وقبل الوزارة كان أمينا عاما في وزارة الشؤون الدينية –بغينا-، وهاهو اليوم يرتقي متنا لوزارة العلاقات الخارجية – غينيا-


حكى لنا في جلسة ودّية جمعتنا وإيّاه في فندق الصخيرات (المغرب)، أنه بعد توليه المهمّة في الوزارة الخارجية، "تساءل الناس عن كفاءته في هذا المنصب"، لكنه قطع "ألسنة المستغربين" وتحداهم إلى أن "صنّفت وزارته بأفضل وزارة بعد ذلك".
هذا الوزير هو مثقّف مستعرب، أعجب من طرف الجميع، لطلاقة لسانه في اللغات الحية، ولجرأته على البحث العلمي... المقام هنا لا يتّسع لعرض مساره العلمي، ويمكن الإطلاع على ذلك في موقعه الخاص على العنوان التالي:
http://www.drsano.net/

برأيك أيها المثقف المستعرب، ما الذي أوصل أستاذنا سانو إلى هذا المستوى الراقي؟ ألا يجدر بنا البحث عن أسباب هذا النجاح غير المعتاد؟ وعن سر هذا الاندماج؟

شخصيا، لقد فكّرت مليئا في شخصية أستاذنا سانو، فقرأت عنه ما يوفي الغرض، ثم استمعت إليه أكثر من مرة... فوجدت أن سر نجاحه وسبب اندماجه في المجتمعات الإفريقية، هو ما أذكره لك الآن. تعال معي لنكتشف الغطاء عن هذا السر ولنتدبر به في مستقبلنا.
أقول لك وبكل ثقة عن قولي، أن هذا السر لا يكاد يعدوا إتقانه اللغات الحية. نعم، أنا على يقين بذلك، لأن تولية منصب الوزارة في إفريقيا يتطلب إتقان اللغة الرسمية للبلاد. والأستاذ سانو يتحدّث بالفرنسية بكل طلاقة ويسر، فأما العربية والإنجليزية فقد شهد له بذلك الأعداد – والحق ما شهدت به الأعداء - .

ويلح على ضرورة التعمق في اللغة الفرنسية باعتبارها "المستقبل" في بلادنا-على حد تعبيره- وأشار إلى اهميتها حين قال: "هدا إن كان شرا فهو شر لا بد منه" يقصد التعمق باللغة الفرنسية...
 "
أخي العزيز،
يسرني إخبارك أني نشرت مقالة في الأسبوع المنصرم تحت عنوان: "في الحقيقة، من هم مثقفوا غرب إفريقيا في المستقبل؟" والمقالة كانت باللغة الفرنسية، إقرأها هنا: http://salambandeexpress.blogspot.com/2013/09/au-faite-qui-sont-les-futures.html
فور نشرها بدقائق معدودة على الموقع الاجتماعي (فيسبوك)، أثارت انتباه القرّاء الفرنسيين، وبالجملة، أعجبوا بمضمونها أيّما إعجاب، وعلقوا عليها بالإيجابية.

ماذا جاء في مقالتي حتى يشاطروني الرأي؟
أكدت لهم في مقالتي تلك، أن الثقافة لا علاقة لها باللغة -كما يزعمه البعض- ظنا منهم أن المتخرجين من التخصصات الفرنسية هم مثقّفون في الدرجة الأولى في غرب إفريقيا... أبطلت هذه الدعوى الباطلة والعقيدة الفاسدة التي لا أساس لها، وأفدتهم أن "المثقف الحقيقي في غرب إفريقيا هو صاحب الثقافة المزدوجة، واللغات المتعددة، أمثال الأستاذ سانو، فهو مضرب المثل للمثقف المستعرب في غرب إفريقيا.
ركّز معي، قلت لهم: "إن المثقّف... هو صاحب الثقافة المزدوجة، واللغات الحية..."، وليس المثقف المستعرب المكتفي باللغة العربية !

أنا أومن إيمانا جازما ويقينا صادقا، أن مستقبل القارة السمراء بيدنا نحن المثقفين المستعربين، ولن نصل إلى هذا الحلم إلا بالاندماج، والاندماج يستدعي تعليم اللغات الحية، والانفتاح على الثقافة العامة...
ولا تنسى أمرا مهما، وهو أننا نحن المستعربين في غاية المنافسة مع بعض الإخوة في القارة السمراء، أقصد بهم من لم يتمدرسوا في التعليم العربي مثلنا، أو أنهم تمدرسوا إلى حدّ ما ثم تحولوا إلى التعليم الفرنسي.

هؤلاء بدءوا يتكاثرون في مجتمعاتنا الإفريقية، يتواجدون في النشاطات الإسلامية وباللغات الحية، وتجدهم كذلك في الإذاعات الوطنية... والمجتمع عنهم واثقون، بينما الغالب من إخواننا المستعربين لا تتجاوزون اللغة العربية في أنشطتهم العلمية ! إن لم نتنبّه ونرفع التحدي، ونحاول الاندماج مع الثقافة العامة... فلا مكانة لنا في مجتمعاتنا الإفريقية.
وأخيرا، أجمل القول في ضرورة تعليم اللغات الحية بجانب اللغة العربية، وإن كانت سيّئة فلا بد منها !.

العفو إن أسأت إليكم.
شكرا على حسن المتابعة.
وإلى اللقاء.


6 commentaires:

  1. جزاك الله خيرا على هذا المقال النفيس! فقط أردت تصحيح بعض الأشياء و هي كالتالي:
    1- إن بعض المدارس العربية في غينيا كوناكري قد دمجت اللغة الفرنسية في مدارسها العربية قبل اشتراط الحكومة ذلك، و ذلك قبل التسعينات بكثير، مثل مدارس جمعية النصر الإسلامي و غيرها.
    2- إن بعض المدارس العربية في غينيا كان معترفا بها من الحكومة قبل سنة ألفين بأكثر من خمس عشرة عاما؛ بدليل مشاركة طلابها في الاختبارات الوطنية في البلاد.
    فقط أردت التوضيح و إلا حقا سعيت فكان السعي مشكورا

    RépondreSupprimer
    Réponses
    1. وأنت من أهل الجزاء على مرورك الكرام.
      طيب. أوافقك في وادي وأخالف معك في واجي آخر.
      أوافقك في القول أن بعض المدارس العربية في غينيا كان معترفا بها قبل سنة ألفين، وهذا لا يحتاج إلى دليل، وإنما يعرف المتتبع لأحوال المدارس العربية بغينا.
      وأما قولي في المقال بهذا الخصوص، فإنه يعود إلى بعض المدارس التي أدمجت اللغة الفرنسية في مناهجها تلك السنة، لأنك لا تختلف معي أن اشتلااط الحكومة بادماج اللغة الفرنسية في المدارس العربية لم يوافقه الجميع، بل قلة منهم، ولا زالت بعض المدارس مصممة على عدم ادماج الفرنسية في مراجها، وعلى رأسها "معهد أبي بكر الصديق" ب انزيريكوري...

      ثم إني أختلف معك-والاختلاف لا يفسد للود قضية- في أن مدارس جمعية النصر الإسلامي أدمجت اللغة الفرنسية قبل اشتراط الحكومة بذلك. أظنه العكس، أي أنها طبقت الرسوم الحكوم في مناهجها التعليمية...
      وعلى العموم، إثارتك في الصميم، وتدخلك في العمق، لقد استفدت منك، وأرجوا المزيد في باقي المنشورات إن شاء الله.

      للإفادة: أملك معي مقالة في غاية الأهمية حول التعليم في غينيا، ولقد تطرق الكاتب إلى التعليم العربي، وفصّل القول حول تاريخية ادماج اللغة الفرنسية في المدارس العربية بغينيا...
      وأنشرها في المدونة هنا-إن شاء الله- لتعم الفائدة.

      أشكرك

      Supprimer
  2. Ce commentaire a été supprimé par l'auteur.

    RépondreSupprimer
  3. السلام عليكم أعجبت بهذا المقال وإن كان تركيزه الرئيس على غينيا لكن الموضوع بالاعتبار ينصح أبناء الأرض السمراء، ويحثّهم على الإندماج في أية لغة تتحدث بها دولتهم رسميا ، ولقداستفدت كثيرا من هذا الموضوع واقتطفت أزهارا منه علّقتها على جدار دماغي فوق لوحة مكتوب عليها لا تسنى هذه النصيحة القيمة................... وشكرا
    من أخيك يوسف النيجيري

    RépondreSupprimer
    Réponses
    1. شكرا لك أخي العزيز على التعليق. وكما قلت، الموضوع بخص المثقف الإفريقي باللسان العربي، إذ أن الاندماج ضرورة ملحة لكل من ينتسب لهذه اللغة العربية.
      بارك الله فيك يا يوسف، وإلى الأمام.

      Supprimer