A propos

dimanche 22 mars 2015

حوار حول الدبلوماسية الدينية بين المغرب وغينيا: وجهة نظر


بعد الزيارات الملكية التي توالت على بعض دول غرب أفريقيا في العام المنصرم، والتي مكّنت الجمهورية المالية من الاستفادة من منح دراسية على دفعات لتكوين 500 أئمة ماليين في المملكة المغربية، تقدّمت على  إثرها مجموعة من الدول المجاورة لتنال حظّها من تلكم المنح، و من بينها غينيا كوناكري بطلب من الوزير الغيني للشؤون الدينية الحاج عبد الله جاسي بأن تمّ توقيع بروتوكول اتفاق بين البلدين  بتاريخ 10 سبتمبر2014 بشأن تكوين 500 إمام غيني في المغرب.

وفي ظل التنافس الغرب الأفريقي على المبادرة المغربية لتكوين الأئمة الأفارقة، كانت لنا وجهة نظر حول طبيعة الشراكة الدينية بين المغرب وغينيا كوناكري، وذلك إثر استجواب من لدن بعض الباحثين في العلوم السياسية والدبلوماسية المغربية بخصوص الموضوع، وجرى الحوار كما يلي:

الكاتب في العلاقات المغربية الإفريقية:
ما طبيعة الشراكة الدينية بين المغرب وبلدكم غينيا كوناكري؟
محمد تفسير:
هي شراكة روحية ثقافية بامتياز، ولقد تجسد ذلك منذ نفوذ الحركة المرابطية في غرب أفريقيا و ما قامت به من دور بارز في نشر الإسلام بالمنطقة؛ حيث كانت المراكز العلمية بالمغرب تعج بطلبة العلم القادمين من أفريقيا –ومن بينها غينيا- للتعلم والاستزادة من المعرفة بعد مرروهم بفوت تورو بالسنغال وفوت ماسنا بمالي والنواحي، وموريتانيا.. و كما تجسّد ذلك حاليا في الطرق الصوفية التي تجمع بين البلدين..

الكاتب:
وما مستوى هذه الشراكة؟
محمد تفسير:
لا شك أنها شراكة تاريخية قديمة، سعى من خلالها المغرب إلى تنوير الحقل المعرفي لفائدة غينيا على مرّ العصور؛ حيث استفادت غينيا من البعثة الملكية التي تمّ إرسالها إلى مجموعة من الدول الأفريقية والآسيوية لتلقين مبادئ اللغة العربية لتمكين متعلميها من قراءة وفهم النصوص من القرآن والتفسير، وغيرها من البعثات الدينية.. كما أنّ الخزانة الحسنية تحتفظ بجملة من المخطوطات الغينية، ويتم استدعاء علماء غينيا للمشاركة والحضور في الدروس الحسنية الرمضانية سنويا..
وبالمقارنة مع السنغال ونيجيريا، يمكن القول إن مستوى الشراكة الدينية بين المغرب وغينيا شهدت تراجعا مملوسا في الآونة الأخيرة؛ وذلك منذ نفوذ المستعمر في المنطقة، حيث قطع الصلات “الروحية” والعلمية بين الجانبين. كما أن اتصال غينيا بدول الخليج العربي (خصوصا المملكة العربية السعودية) لعب دورا أساسيا  في تراجع الشراكة الدينية بين المغرب وغينيا.
بالمقارنة مع السنغال ونيجيريا، يمكن القول إن مستوى الشراكة الدينية بين المغرب وغينيا شهدت تراجعا مملوسا في الآونة الأخيرة

الكاتب:
هل هناك دعم مغربي لبلدكم -سواء ماديا أو لوجيستيكا- في هذا المجال؟
محمد تفسير:
في حدود علمي، ليس هناك دعما ماديا أو لوجيستيكيا يقدّمه المغرب لغينيا كوناكري، اللهم إلا المنح الدراسية التي تحظى بها غينيا في المؤسسات التعليمية (التعليم العتيق) بالمغرب، أو المنح الدراسية التي تهبها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية للطلبة الأفارقة لمتابعة دراساتهم بالمعاهد والجامعات المغربية عبر رابطة علماء المغرب والسنغال.
الكاتب:
ألا يعتبر الحضور الديني المغربي في غينيا تدخّلا في الشؤون الداخلية لبلدكم؟
محمد تفسير:
لا يعتبر ذلك تدخّلا في الشؤون الداخلية ببلادنا بقدر ما هو تتمة لمسار تاريخي قديم جمع بين المغرب وغينيا في أفق تحقيق نهضة علمية ثقافية، لأن المغرب كان له الفضل في تأطير عدد كبير من علماء غينيا الذين تأثروا بمشايخهم المغاربة في المنهج والتأليف، اقتفاء  بالمذهب المالكي والعقيدة الأشعرية.. قبل الاتصال بدول الخليج العربي.
الكاتب:
مؤخرا قدّم بلدكم طلبا للمغرب لتكوين الأئمة المرشدين: كيف تنظر إلى هذه الخطوة؟ وهل ستؤتي أكلها في توفير نخبة دينية تستطيع التأطير الديني للمواطنين؟

محمد تفسير:
هي ذي مبادرة طيبة وخطوة محمودة في سبيل تأطير الأئمة المرشدين لغينيا، وللمغرب كل الشكر والامتنان على هذه المبادرة التي تعتبر الأولى من نوعها في هذا المجال؛ إذ لم يسبق لأي دولة (بما في ذلك الدول الغربية) أن وفّرت منحة دراسية لغينيا بهذه الضخامة (500 مستفيد). لكن، حسب رأيي المتواضع، لو كان ذلك بشكل دورات تكوينية، أو ورشات عملية لزمن محدّد (ستة أشهر على أبعد تقدير)؛ لتطوير الكفاءات التي تشتغل في مجال الدعوة والارشاد بغينيا لآتت أكلها أكثر من طبيعتها الحالية (سنتين)؛ أضف إلى ذلك أن أغلب المستفيدين من هذا التكوين هم خريجو الجامعات العربية، وبعضهم أساتذة جامعيين..، ممّا يطرح إشكالية اندماجهم بعد التخرّج..
 لم يسبق لأي دولة (بما في ذلك الدول الغربية) أن وفّرت منحة دراسية لغينيا بهذه الضخامة (500 مستفيد). 
فالحركة العلمية بغينيا -حاليا- بحاجة أكثر لكوادر متخصصين في العلوم المعاصرة (القانون، الطبّ، الهندسة..)، لأن المجتمع الغيني لا زال ينظر إلى “المستعرب” بنظرة دونية وهامشية، ويعتبره فضلة لا يقيم صلب الدولة، أو زارعا لا تثمر أشجاره إلا في الساحات الدينية. ولرفع هذا التحدّي مساهمة من المستعرب الغيني في تقدّم الدولة الحديثة، لا بدّ من الخروج عن طوق العلوم الشرعية وتعزيزها بالعلوم الانسانية والاجتماعية والتجريبية مواكبة للعصر، وأن يكون له اليد الطول في شتى المجالات العلمية والثقافية؛ هنا يأتي دور الدول العربية في ملء هذا الفراغ العلمي.

لرفع هذا التحدّي مساهمة من المستعرب الغيني في تقدّم الدولة الحديثة، لا بدّ من الخروج عن طوق العلوم الشرعية وتعزيزها بالعلوم الانسانية والاجتماعية والتجريبية مواكبة للعصر
الكاتب:
هل هناك تنافس ديني بين المغرب ودول أخرى كالجزائر في غينيا؟

محمد تفسير:
ليس هناك تنافسا دينيا بهذا الشكل، لكن ثمّة تنافسا دينيا بين التوجهات السلفية والشيعية، وذلك منذ أن عرفت غينيا المدّ الشيعي في ترابها وتنبّي عدد كبير من أبنائها المذهب الشيعي منذ عام 1991. وكما يفيد التقرير الميداني عن (التشيع في أفريقيا)،  فالقائمين على التشيّع بغينيا هم إيرانيون أساسا بمساعدة  السفارة الإيرانية لدى غينيا.. وتستقيد طلبة غينيا من المنح الدراسية إلى إيران وسوريا ولبنان ما يفوق العشرات سنويا، ولا يزال العدد في تزايد مستمر.
وفي نفس السياق، خلال السنوات الأخيرة، ضاعفت المملكة العربية السعودية منحها الدراسية لفائدة غينيا مع مجموعة من الدول الإفريقية. وبالتالي، إذا كانت هناك منافسة “دينية”، فهذه من أبرزها.

الكاتب:
كيف ترى النفوذ الشيعي في غينيا؟ هل هو حاضر بقوة أم لا يخشى من تأثيراته علما أن نسبة الشيعة تقدر بحدود 5% من السكان ولهم مراكز عديدة منها، جمعية أهل البيت وفيها مدرسة الثقلين، ومركز الزهراء، ومدرسة محمد رمضان في العاصمة كوناكري، ومركز حمد الله وفيه حوزة دينية، ومدرسة الامام في گيكدو، ومدرسة فاطمة الزهراء في پيتا، ومدرسة أهل البيت في كالبي. ويبلغ عدد الطلبة الذين يدرسون في هذه المدارس والمراكز 600 طالب بالإضافة إلى العشرات من الطلبة الذين يدرسون خارج غينيا وبالخصوص في ايران ولبنان وسوريا؟

محمد تفسير:
الواقع الفعلي لنفوذ الشيعة بغينيا كوناكري يثير قلقا حادّا في الأوساط الغينية، إذ يتزايد عددهم يوما بعد يوم وإن لم تكن الإحصائيات (5%) غير دقيقة. ويكفي أن المدّ الشيعي يؤثّر بشكل كبير في معدومي الدخل من المسلمين وبعض أتباع الطرق الصوفية..، ويمتلكون مجموعة من المراكز التعليمة –ذكرتم أهمها- بالإضافة إلى المعاهد والمكتبات.. كل ذلك يهدّد السلم الاجتماعي في البلاد..

نشر الحوار لأول مرة على موقع: مجمع الأفارقة.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire