A propos

samedi 11 avril 2015

نبذة عن مسار كتابة اللغات الأفريقية بأبجديات مختلفة

لئن أكّدت المصادر المتداولة بأسبقية الحرف العربي في كتابة اللغات الأفريقية، إلا أن هناك أطروحات أخرى ترى أن حكماء ومفكري بلدان منطقة غرب أفريقيا –مثلا- قد شغلوا بكتابة لغاتهم بأبجدياتمعينة، حتى يحفظوا بذلك تراثهم ويقيموا نهضتهم التي تتماشى وأوضاعهم، وقد بدأت هذه المحاولات منذ عهد طويل، بعضها قطع شوطا كبيرا لاستكمال البناء، بينما أخرى لا تزال بحاجة إلى جهد جبار حتى يستطيع مسايرة اللغات المكتوبة في بقاع أخرى من العالم[1].
ولعل أقدم أبجدية تمّ العثور عليها في المنطقة هي أبجدية فاي “Vai” المقطعية، والتي ظهرت في سيراليون وليبيريا عام 1833[2].
ومع ذلك يبقى أن الحرف العربي هو الذي كتب به غالبية الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية والطبيعية في أفريقيا، وهو الضامن للتراث الأفريقي؛ حيث اقترضت معظم اللغات الأفريقية[3] بعض العناصر من الحرف العربي حتى صارت العربية من أهم مكوّنات الهوية الأفريقية، كما لعبت اللغة العربية دورا فاعلا في إثراء قواميس لغات الأمم الإسلامية الإفريقية[4]التي ستوظف لاحقا في التكنولوجية الحديثة..
وكتابة اللغات الأفريقية بالحرف العربي شهدت مراحل مهمّة في الثمانينات من القرن الماضي حين ظهرت مؤسسات علمية تعنى بتطوير اللغات الأفريقية بالحرف العربي “المنمّط”، ثم تلاه “حوسبة” الحروف العربية الخاصة بالأصوات الأفريقية..
أقدم أبجدية تمّ العثور عليها في المنطقة هي أبجدية فاي “Vai” المقطعية، والتي ظهرت في سيراليون وليبيريا عام 1833
وفي عام 1991 اخترعت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة “إيسيسكو” آلة كاتبة يدوية ضمنتها كل الحروف والحركات الجديدة التي تكتب بها اللغات الإفريقية، فانتقلت كتابتها من خط اليد إلى الآلة الكاتبة، وتمّ تصميم الخط العربي الخاص بلغات أفريقيا عام2003 تحت اسم أفريكا “Africa”..
ومع كل الجهود المتضافرة في هذا الموضوع، بقيت كتابة اللغات الأفريقية بالحرف العربي المنمط مرتكزة في المجالات الدينية أكثر من غيرها؛ من ترجمة بعض الكتب المختارة في الثقافة الإسلامية، ونشر الكتب التعليمية باللغات الإفريقية..
ويكفينا انتاجات الإيسسكو في ذلك مثالا واضحا؛ حيث انحصرت منشوراتها حول تفسير جزء عم، وترجمة السيرة النبوية.. إلى كل من لغة الهوسا والفولفلدي والسواحلية والسوسو.. بالحرف العربي المنمّط
وفي هذا الصدد يقول الأستاذ حلمي شعراوي حين كان منخرطا بأعمال جمع التراث العربي الإفريقي بمنظمة “الأليسكو”: “وقد كنا نود أن تكون أنظار المنظمتين العربية والإسلامية متجهة إلى زحم “الحداثة” التي ارتبط بها المثقف الأفريقي الذي صار يرتبط باللغات الأوربية والكتابة بالحرف اللاتيني وحده..”[5]
كتابة اللغات الأفريقية بالحرف العربي شهدت مراحل مهمّة في الثمانينات من القرن الماضي حين ظهرت مؤسسات علمية تعنى بتطوير اللغات الأفريقية بالحرف العربي “المنمّط”، ثم تلاه “حوسبة” الحروف العربية الخاصة بالأصوات الأفريقية..
وعلّل الأستاذ محمد الأمين أبو منقة، التراجع الذي أصاب تقليد استخدام الحرف العربي في كتابة اللغات الأفريقية بما “جاء تدريجيا نتيجة حتمية لتوسع التعليم المدرسي على النمط الغربي، الذي كان في معظم الأحيان في أيدي الإرساليات الكنسية، على حساب النظام التعليمي.. وبالتالي جعل نظام الكتابة بها خاليا من أوجه القصور الذي لازم النظام التقليدي لكتابة هذه اللغات بالحرف العربي.. وإضعاف صلة الأجيال تدريجيا بالحرف العربي[6]“.
وأما كتابة اللغات الأفريقية بالحرف اللاتيني، فقد تم اعتمادها بعد بمؤتمر بماكو بجمهورية مالي، الذي أشرف عليه منظمة “اليونسكو” عام 1966 بمشاركة مجموعة من الخبراء الأفارقة واللسانيين الغربيين.. لوضع خطّة شاملة حول تطوير اللغات الأفريقية باستخدام الحرف اللاتيني.
وتجدر الإشارة إلى أن معظم اللغات الأفريقية تكتب –الآن- بالحرف اللاتيني المدعوم من طرف اليونسكو ومنظمة الوحدة الأفريقية -قديما والاتحاد الأفريقي حاليا-، وهي كل من السواحلية، والهوسا، والفولفلدي، والولوف، والصومالية، والأفريقانية، واليوروبا، والإيبو..
ونفس اللغات المذكورة آنفا إلى جانب بعض اللغات الأفريقية كالسوسو تكتب بالحرف العربي المدعوم من طرف المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (ايسيسكو)، ومعهد الدراسات والبحوث للتعريب التابع لجامعة محمد الخامس بالمغرب، ومعهد الخرطوم الدولي للغة العربية التابع للمنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم (ألسكو)، ومركز يوسف الخليفة لكتابة اللغات بالحرف العربي بجامعة أفريقيا العالمية بالسودان..
أبجدية اللغة الصومالية
وتميّزت بعض اللغات الأفريقية بأبجديتها الأصيلة، مثل أبجدية انكو بغرب أفريقيا، وأبجدية ماندومبي (Mandombe) بكونغو الديموقراطية، والأبجدية الأمازيغية بشمال أفريقيا، كل هذه الأبجديات فرضت نفسها بحروفها الخاصة في التكنولوجيا الحديثة بعيدا عن الحرفين العربي واللاتيني.
مراجع الورقة:
[1]  هارون باه/ دول غرب إفريقيا في ميزان الجيوبوليتيك، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة محمد الخامس – السويسي -كلية العلوم القانونية  ولاقتصادية والاجتماعية – سلا، ص 92.
[2] Anne ZALI et Annie BERTHIER (dir.), L’Aventure des écritures, Naissances, Paris, Bibliothèque nationale de France, 1997, pp. 82-89 ; David DALBY (dir.), L’Afrique et la Lettre, Fête de la Lettre, Paris,1986.
[3]  لقد عدّها الأستاذ يوسف خليفة أبوبكر بإحدى وثلاثين لغة كتبت بالحرف العربي في أفريقيا. ينظر: “دور الحرف العربي في كتابة اللغات خارج إفريقيا”، كتابة اللغات الأفريقية بالحرف العربي، الخرطوم، معهد الخرطوم الدولي للغة العربية، ص 194 وما بعدها.
[4]  محمد الأمين أبو منقة/ اللغة العربية واللغات الأفريقية الأخرى، منشورات معهد الدراسات الأفريقية، الرباط 2006، ص 27
[5] حلمي شعراوي/ الفكر السياسي والاجتماعي في أفريقيا، مكتبة الأسرة، 2010، ص 162
[6]  محمد الأمين أبو منقة/ ص 24