A propos

mardi 9 juin 2015

تقريرعن المائدة المستديرة حول: "التمذهب في المجتمعات المسلمة بين واقع التعدد وضرورة الوحدة "



بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

نظّم اتحاد الطلبة الأجانب بمؤسسة دار الحديث الحسنية مائدة مستديرة بعنوان: " التمذهب في المجتمعات المسلمة بين واقع التعدد وضرورة الوحدة "، وذلك بمناسبة اليوم الثقافي للطالب الأجنبي في نسخته الثالثة، بتاريخ 12 شعبان 1436 هـ/ الموافق 30 مايو 2015 م، في قاعة المحاضرات بالمؤسسة.

شارك في تأطير المائدة المستديرة كل من الباحث المغربي عبد السلام أجرير والباحث المغربي أنس الجفال، والباحث السنغالي محمد بمب درامي، والباحثة الإندونيسية درّة اليتيمة، والباحث اليمني جلال الفضلي.

افتتح رئيس الجلسة الباحث محمد تفسير بالدي المائدة  بتحديد أهدافها، ذكر منها:
ـ إلقاء الضوء على تجربة الدول ذات المذهب الموحد.
ـ طرح أجوبة مناسبة على سؤال التوازن بين ضرورة الوحدة والتعدد المذهبي.
ـ تبادل الآراء وتقديم قراءات جديدة حول واقع التمذهب في المجتمعات المسلمة..

مردفا إيّاها بمجموعة من الأسئلة من قبيل:
-         هل الضرورة العصرية تقتضي وحدة المذهب أم تعدده؟
-         وهل يمكن تحقيق الوحدة المذهبية على أساس احترام التنوع المذهبي؟
-         كيف يمكن مواجهة الفوضى المذهبية؟ بالاستفادة من تجارب الدول الإسلامية في تدبير الشأن الديني؟..

وسيتولى كل باحث تقديم مداخلته في مدة لا تتجاوز عشر دقائق.

ابتدأ الباحث عبد السلام أجرير ورقته الموسومة بـ "التمذهب: مفهومه وقيمته" بالتساؤل عن ماهية المذهب؟ وبيّن أنه مصطلح مظلوم غاية الظلم، مرمي بالجمود والتقليد.. وأن أصله اختيار الفقيه في استنباط الأحكام رأيا ونظرا -أي الاجتهاد-، والمذهب من بين ما يهدف إليه تحقيق المناط وهو بهذا يعني الاجتهاد.

وعرّج على تعريفه بأنه: "انتماء العالم إلى مدرسة معينة قائمة على أصول ونظائر". فالمذهب مدرسة، وكل مذهب له مناهج معينة.
وتقريبا للصورة مَثَّلَ بالمدارس الفكرية الحديثة كالمدرسة الفرانكفونية والأنجلوساكسونية في اختصاص كل منهما بمناهج تميزها عن الأخرى.

كما بيّن أن المذهب لا يطلق إلا على المسائل الخلافية، واختيار العالم ينحصر في دائرة المختلف فيه، وما لم يُختلف فيه فهو دين وشريعة، فلا يقال مثلا: الصلاة واجبة على المذهب المالكي، أو جواز الاعتكاف على المذهب الحنفي، وإنما يستدل لكل بأصله من القرآن أو السنة.
وذكر بأن العلاّمة الكفوي قد نص على أن "الدين منسوب إلى الله تعالى والملة إلى الرسول والمذهب إلى المجتهد"، وما تقدم ذكره فهو عن المفهوم.
وأشار إلى أن المذهب المالكي أكثر انتشارا، وللمذهب الحنفي أكثر أتباعا.

كما يتميز المذهب المالكي بأصوله؛ ومن أصوله عمل أهل المدينة؛ لغلبة الظن أن تكون السنة في العمل استنادا إلى الرواية الفعلية، مُنبّهاً إلى أن أغلب الصحابة لم يكثروا من الرواية، وعليه فالسنة قد ظهرت في أفعالهم.

وعاد الباحث عبد السلام ليؤكد أن غاية المذهب استقرار أحوال الناس، فالمذهب يوحّد واللامذهبية تفرّق. وتساءل عن نصيب أفهام الصحابة رضوان الله عليهم ممن يدعو إلى الأخذ من الكتاب والسنة مباشرة؟ أليست أقوالهم أولى بالمراعاة والاعتبار من غيرها؟

فاللامذهبية دودة تنخر جسم الأمة، لكن علينا فهم مرامي التمذهب، فالمذهب لايعني التعصب، وما يؤدي للفتنة بين المسلمين يعود إلى: الخلافات السياسية أو التعصب.

ليختم بالتأكيد على ضرورة توحيد المعاملات والقضاء على مذهب واحد اتقاء للفرقة، فيما ترك الحديث عن قيمة المذهب بسبب ضغط الوقت.

أما الباحث أنس الجفال صاحب مداخلة: "الوحدة المذهبية ونظام الحكم الإسلامي في المغرب الأقصى أية علاقة؟"، فقد افتتح ببيان انتشار مذهب إمام دار الهجرة  في المغرب الأقصى مقترنا بسلطة النظام الحاكم، ولم تكن المذاهب بهذا القطر متعددة مع الدول المتعاقبة على حكم المغرب، مُركزا على دولة الأدارسة فما بعدها، وهي أول من تبنى رسمية المذهب المالكي لكون المولى إدريس على مذهب الإمام مالك وحفظه للموطأ، وقد أصدر أوامره لجميع الولايات للأخذ به، ولم يكن في زمانه مذهب غيره.

وأورد في ذلك كلام صاحب الاستقصاء من أن ظهور مذهب الإمام مالك كان بالأندلس ثم بالمغرب، واستمر المرابطون الذين توصف دولتهم بـ: "دولة الفقهاء" على نفس النهج من مناصرة وتنبي المذهب المالكي.

ومع الموحدين كانت دعوة الناس إلى الكتاب ونبذ التقليد، وقد رحل مهدي الموحدين إلى المشرق و أخد عن علمائها، وعند عودته إلى المغرب ألزم الناس بمذهبه وعد الخارج عليها ضالا.
فيما أطلقت دولة بني مرين حرية الاعتقاد والتمذهب ولم تتدخل السلطة المرينية في اختيارات الناس الدينية، لكن الناس تمسكوا بمذهبهم الأصلي بعد الظاهرية التي نادى بها الموحدون.

واتجه أهل المغرب في زمن السعديين إلى اختصار المذهب المالكي والتنافس على الشروح والتعاليق.
أما الأمر في زمن العلويين فظاهر في اختيار الفقه المالكي والعقيدة الأشعرية و التصوف الجنيدي.
وتساءل: هل يمكن الحديث عن تعددية مذهبية مع وجود سلطة إسلامية حاكمة كالمغرب مثلا؟
وبنى عرضه على أن المغرب الأقصى لم يعرف تنوعا في المذاهب وإنما ظل موحدا على تعاقب الدول التي حكمت المغرب.

أما الباحث السنغالي محمد بمب درامي الذي قدّم ورقته بعنوان: "نحو توحيد المرجعية الدينية في إفريقيا: السنغال نموذجا"، فقد نبّه في البدء إلى غياب سياسة واضحة المعالم لتدبير الشأن الديني في الدول الإفريقية بخلاف المغرب، مما ينعكس سلبا على توحيد المرجعية.

كما نبّه إلى خطورة التشيع الذي يخترق الشعب السنغالي السني المالكي المذهب عبر وسائل الإعلام "اف ام زهراء" وكذلك في مجال التعليم عبر مؤسسة "جامعة مصطفى العالمية" التي تتواجد بداكار، ومن افتتاح فرع لتعليم اللغة الفارسية بجامعة شيخ أنت جوب.

ويرى الباحث أن كل ذلك يضرب الوحدة المذهبية مما يفضي إلى إحداث الفرقة بين أبناء الوطن الواحد، وهنا ينبغي الحذر من الخطر الداهم بتوحيد المذهب، فيما اقتصر على ما قدم بسبب قصر المدة، وفي الأخير؛ أحال إلى مرجع " تنبيه المراجع على تأصيل فقه الواقع" للشيخ عبد الله بن بيه: لأهميته في المجال المذكور.


درة اليتيمة صاحبة مداخلة: "التمذهب في أندونيسيا من الوحدة إلى التعدد".

تقدمت بالشكر للجنة المنظمة ورئيس الجلسة، وابتدأت كلمتها بالتطرق لتجربة التمذهب في إندونسيا معرّجة على تاريخه الذي انطلق مع التجار المسلمين المسالمين الوافدين إلى البلاد وذكرت أن هدفهم لم يكن في الأول هو نشر الدين.

واختلفت الروايات فيمن أدخل الإسلام إلى أندونيسيا: أَهُمْ أهل اليمن أو الهنود أو الصينيون؟ ولكل رأي ما يعضده من الأدلة.

وقد تعددت المذاهب في اندونيسيا حسب المناطق، ووجد من يأخذ بالمذهب الشافعي كأهل سومطرة، كما اتبعت جزر أخرى المذهب الحنفي، ويتبع بعضهم المذهب الشيعي، ويعود الفضل في بقاء الشوافع بالبلاد إلى دولة آشي.

ومع سيطرة الاحتلال الهولندي تقلص ظل الشريعة وحكمت القوانين الوضعية، إلا أن مجال الأحوال الشخصية بقي محفوظا للمذاهب الأربعة، على أنه من أبرز المؤسسات الدينية مجلس علماء الأندونيسي و يعهد إليه بالإفتاء، وإلى جانبه توجد الجمعية المحمدية، وجمعية العلماء، وتتولى الهيئات المذكورة إصلاح الشأن الديني.

وأشارت في آخر مداخلتها إلى أن الوحدة لا تعني عدم الانفتاح والتعدد لا يعني التطرف، وترى أن المشكلة لا تكمن في تعدد المذاهب بقدر ما تكمن في الأخلاق التي لا تقدر و لا تحترم الآخر.

أما الباحث اليمني جلال الفضلي، فقد عنون مداخلته بـ: "وحدة المذاهب بين النظرية والتطبيق".

أشار في البداية إلى أن كل ما يدعو للاجتماع والائتلاف فالشرع يأمر به، وكل ما يؤدي للفرقة والتشرذم فمنهي عنه، وبيّن أن التسميات إن أدت إلى فتنة فينبغي الابتعاد عنها، وضرب لذلك مثالا فيما كان يقع أحيانا بين المهاجرين والأنصار.

وتساءل: هل بإمكاننا توحيد الناس؟ كما أشار إلى أن الاختلاف واقع منذ الرعيل الأول، وهو -أي الاختلاف- أمر فطري، والواقع أيضا لا يسمح بوحدة المذاهب، لكن قد يحدث أن يتوحد قطر ما على مذهب، ويكون ذلك من إحدى جهتين:
ـ حكم السلطان ومناصرته للمذهب.
ـ خدمة العلماء لمذهبهم حتى لا يندثر كما وقع لبعض المذاهب.

وهنا يأتي السؤال: كيف ندير الخلاف أو كيف نتعايش؟ وعلى ضوئه ذكر الباحث القواعد الإرشادية المفضية إلى المقصود من كون: مصدر التلقي واحد، والخلاف أقوالٌ و أقلامٌ لا خلاف قلوب وأبدان، ومسائل الاجتهاد لا إنكار فيها.

هذا وقد أعقبت المداخلات الأربعة أسئلة من الحضور توحي بأهمية قضايا المذهب والوحدة والتعدد سواء في دول ذات سياسية موحدة لتدبير الشأن الديني أو في الدول العلمانية التي تترك الحبل على الغارب.

 واختتمت المائدة المستديرة بتوزيع شهادات التقدير على الباحثين الشباب المشاركين في المائدة.









محمد تفسير بالدي
عن اللجنة العلمية


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire